في ظل تزايد الوعي العالمي بأهمية الحفاظ على البيئة والطبيعة، يظل قطع الأشجار المئوية قضية تثير قلق العديد من المهتمين بالشأن البيئي. إن هذه الأشجار ليست مجرد نباتات بيننا، بل هي أعمدة تاريخية وثقافية تحمل في جذورها قصصًا وتجارب لا تُقدّر بثمن. وفي مدينة مثل مراكش، تكتسب هذه القضية أهمية خاصة لعدة أسباب.



أولاً، تساهم هذه الأشجار الضخمة في تحسين جودة الهواء في المدينة. بفضل قدرتها الفائقة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين، تلعب دورًا حيويًا في الحد من التلوث البيئي. كما تساهم في تلطيف درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها مراكش على مدار السنة، مما يجعل الجو أكثر اعتدالاً وسلامةً للسكان.

ثانيًا، تعتبر هذه الأشجار موطنًا للعديد من الكائنات الحية. من الطيور إلى الحشرات، تجد العديد من الأنواع ملجأً في فروع وساق هذه الأشجار. بالتالي، قطعها يؤدي إلى تدمير النظام البيئي المحلي، مما يسبب اختلالاً في التوازن الطبيعي ويعرض العديد من الأنواع لخطر الإنقراض.

ثالثًا، لا يمكن تجاهل القيمة الثقافية والتاريخية لهذه الأشجار. إنها شاهدة على تعاقب الأجيال والأحداث التي شهدتها المدينة. قطعها يعني قطع جزء من ذاكرة المدينة وتراثها، الأمر الذي لا يمكن تعويضه بأي شكل من الأشكال.

رابعًا، تلعب الأشجار المئوية دورًا هامًا في الجذب السياحي. تُعرف مراكش بحدائقها وأشجارها التي تضفي جمالًا وسحرًا على المدينة. قطع هذه الأشجار قد يؤثر سلبًا على تجربة الزوار والسياح، مما يؤثر بدوره على الاقتصاد المحلي.

خامسًا، تشكل الأشجار المئوية جزءًا من الهوية البصرية لمراكش. تُعتبر المدينة ذات طابع فريد وجمال طبيعي يعكس تاريخها وثقافتها. الحفاظ على هذه الأشجار يعني الحفاظ على هذا الطابع الفريد الذي يميز مراكش عن غيرها من المدن.

رغم كل هذه الفوائد الواضحة، نكاد نشهد في مراكش تراخيا واضحًا للاهتمام بالشأن البيئي من قبل السلطات المحلية وبعض المواطنين. حيث يتم قطع الأشجار من أجل توسعة الطرق أو إقامة مشاريع تجارية دون اعتبار للعواقب البيئية والاجتماعية. هذا السلوك يعكس قصر النظر وعدم الوعي بأهمية الحفاظ على الطبيعة من أجل الأجيال الحاضرة والقادمة.